ليل يشرع للفضاء أجنحته ..
و يلقي مع تحية المساء أقسى مقطوعات الألم ..
تتحدر دمعه .. تجري في طريقها بائسه ..
وحيده ..
أيمكن لليل أن يكون أغنية كاذبه .. بلحن زائف ..
طربت معه حينًا .. بل انتشيت جنونا ..
و هاهو يتعرى دون ذلك اللحن الزائف ..
أتراني أنا من صاغ ذلك اللحن ..!
أم تراني أرخيت سمعي و أسلمت روحي لذلك الحداء ..!! دون أن أحسب حسابًا لانتهائه ..
كل شيء صائر إلى زوال ..
إلا الذكرى .. ذلك السوط الذي يشفر القلب ..
تجدهم أمامك .. تحس بأنفاسهم ..
تسمعهم ..
تلمحهم بين وجوه البشر ..
بل ترى الأماكن تناديك بأسمائهم ..
و هيهات أن يكونوا .. كما كانوا ..
ترى ؟... لماذا رحلوا ... ؟
لماذا غادروا ربوعي ..؟
لماذا تركوني للهم ينهش من روحي المجهده ..؟
ألم نتقاسم الحب يومًا من ينبوعه الصافي ..؟
ألم ننشد معا للربيع أهازيج الصفاء ..؟
ألم تجمعنا الليالي و الأيام حول مائدة الأنس ..؟
تاريخ يعيد أحداثه .. في كل عهد ..
تتغير الشخوص .. و تبقى الذكرى ..
و يبقى الألم ..
و أبقى أنا .. أصارع الموج بمجداف من ورق ..
لا حيلة لي إلا اجترار أيامهم ..
و النوح على أطلالهم ..
و لا أدري .. هل تبقى مني شيء في ذاكرتهم ..
أم إني مجرد مرحلة ..
و انتهت ...
رحماك ياربي بقلب طال أنينه ...
و طال حنينه ..
و طالت غربته ..
و غرق بدمعه .. حتى اختنق ..